عاقب على حكم سوريا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1946 مايزيد على عشرين رئيساً، وقد اختلف أولئك الرؤساء في صفاتهم ومميزاتهم وإمكاناتهم وطريقة وصولهم إلى سدة الحكم، فمنهم من سلك الطرق القانونية، حتى وصل إلى منصب الرئاسة بمباركة مجلس الشعب وأفراد المجتمع، ولسان حاله يقول إن منصبي تكليف وليس تشريف، وإنّ عليّ أن أصل ليلي بنهاري كي أحقق العدالة بين الناس، وأسير بهم إلى بر الأمان، وأحدب على صغيرهم، وأوقر كبيرهم، وأكون خادماً لهم، لأنني رضيت بحمل هذه الأمانة التي تعجز عن حملها الجبال، والصنف الثاني الذي وصل إلى سدة الحكم ، غايته الأساسية إشباع شهواته ونزواته ونرجسيته، لذلك قرر، أن يغتصب تلك الأمانة ولو على دماء الناس وأشلائهم، فاستخدم شتى أنواع الحيل والمكر والخداع، كي يصل إلى طموحاته غير المشروعة.
وقد أصبح كل أولئك في ذمة التاريخ، بعجرهم وبجرهم، ولكن شتان مابين من يُضرب به المثل في العلو والسمو والوطنية والصدق والأمانة والتضحية، ومن ثمّ يُترحم عليه ويُتغنى بسيرته، وبين من يُضرب به المثل في الظلم والطغيان والاستبداد والقتل والسفح.